ضوابط الإعلان التجاري على وسائل التواصل
ضوابط الإعلان التجاري على وسائل التواصل
1_ أن يكون المعلن عنه مباحا شرعا:
ما لا يجوز بيعه لا يجوز الإعلان عنه؛ لأن الإعلان وسيلة للبيع، وللوسائل حكم المقاصد.
وبناءً على ما تقدم فإنه يشترط لصحة الإعلان التجاري في الاقتصاد الإسلامي أن يكون المعلن عنه مباحاً من الناحية الشرعية.[1]
ومن صور الإعلانات عن السلع المحرمة الإعلان عن: الخمور والدخان وحفلات السفور والغناء والروايات الفاحشة وغيرها…
2_ عدم استخدام صور وفيديوهات تحوي مخالفات عقدية وشرعية:
كإشارة الصليب أو الخنزير مثلا, وقد بدأ ينتشر في عصرنا الحالي شعارات الشواذ (قوس قزح) على المنتجات التجارية بعلم أو ربما بدون علم صاحب السلعة التي يروج لها على صفحته, ولا يخفى علينا مدى دعم الشركات العالمية لهذه الفاحشة التي صارت تظهر على السلع والمنتجات والأطعمة والصناعات والجوالات والماركات العالمية حتى أنها لم تستثن حتى ألعاب الأطفال وقصصهم, فالحذر الحذر والوعي الوعي.
3_ عدم استخدام النساء في عرض السلع:
إن المتطلع إلى وسائل الإعلانات الحديثة سواء أكانت المرئية أم المسموعة أم المقروءة يرى فيها مدى الانحطاط والفجور، كونها لا تخلو في الغالب من استغلال لجسد المرأة استغلالاً سلبياً للترويج للبضائع المختلفة، وقد ارتقت الشريعة بالإنسان ارتقاء فاضلاً سواء أكان مسلماً أم كافراً، ذكراً أم أنثى.
إن استغلال جسد المرأة في الإعلانات التجارية المختلفة من شأنه أن ينزل بها من تلك المرتبة التي وضعها فيها الإسلام من التشريف والتكريم، وكان المصمم لذلك الإعلان يفضل ذلك المنتج المعلن عنه على المرأة ، كونه استخدم المرأة كوسيلة من أجل تحقيق هدف من الأهداف ألا وهو الترويج لتلك السلعة.
فترى من يأمر بتصميم الإعلانات إذا أراد أن يعلن عن (الملبوسات) كان المرتكز على المرأة بإظهار مفاتنها وزينتها، وإذا أراد أن يعلن عن (المراهم وشامبو الشعر) تجد ميدان الإعلان مليئاً بالكاسيات العاريات، وإن نظرت للذهب للعطور أو المشروبات الغازية حتى الأحذية وجدت نفس الصورة، وكأنه لا يمكن لأي تاجر أن ينفق أي سلعة له إلا من خلال إظهار المفاتن!.
وإن هذه الصور لهي صورة غريبة عن المجتمعات العربية والإسلامية والتي اشتهرت على مدار العصور والقرون بالحشمة فكانت من العادات والتقاليد الأصلية في هذه المجتمعات العفة وحسن الخلق.[2]
لقد أحالتِ الحضارة النساء الى موضوعِ إعجابٍ أو استغلال, ولكنها حَرَمتِ المرأةَ من شخصيتها, وهي الشيء الوحيد الذي يستحق التقدير والاحترام. هذا الوضع مشهود بشكل مطَّرد, وقد أصبح أكثر وضوحاً في مواكب الجمال أو في بعض مهنٍ نسائية معينة “الموديلات” . في هذه الحالة لم تَعُدِ المرأة شخصيةً ولا حتى كائناً إنسانيا، وإنما هي لا تكاد تكون أكثرَ من “حيوان جميل”.[3]
الآن صارت صفحات محلات الألبسة على فيسبوك تنشر صور الألبسة النسائية عن طريق نساء يقومون بارتدائها ثم تنشر صورهم بهذه الألبسة على صفحات المحل بهدف الترويج للسلعة وهناك نساء مختصون بتصوير أنفسهن كعارضات لهذه الملابس.. والله المستعان.
4_ عدم عرض سلع تخدش الحياء:
الحياء خلق إسلامي عظيم، وهو من خصائص الإنسان، وقد أودعه الله -تبارك وتعالى- فيه ليميزه عن البهائم، فلا يقترف كلّ ما تشتهيه نفسه؛ لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي، ولذلك عدّه النبي صلى الله عليه وسلم جزءاً من الإيمان بقوله: “الحياء من الإيمان”.[4]
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ ممّا أدْرَكَ النّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ”.[5]
وبناءً على ما تقدم يجب على مصممي الإعلانات التجارية تجنب كل ما من شأنه خدش الحياء عند تصميم الرسائل الإعلانية[6]، وذلك بهدف المحافظة على منظومة القيم الإسلامية بشكل عام وخلق الحياء بشكل خاص.
وبناءً على ما تقدم يجب على مصممي الإعلانات التجارية تجنب كل ما من شأنه خدش الحياء عند تصميم الرسائل الإعلانية، وذلك بهدف المحافظة على منظومة القيم الإسلامية بشكل عام وخلق الحياء بشكل خاص.
ومن صور الإعلان التجاري الذي تتضمن رسالته الإعلانية ما من شأنه خدش الحياء ما يلي:
1. الإعلان عن السلع التي لا يجمل الحديث عنها في وسائل الإعلام، ومثاله: الإعلان عن الواقيات الذكرية لمنع الإنجاب، والإعلان عن المقويات الجنسية.
2. الإعلان الذي يكون في طريقة عرضه ما يخدش الحياء، ومثاله: الإعلان عن وسائل منع الحمل بطريقة حوارية نسائية.[7]
5_الحديث المنفرد مع النساء في المحادثات الخاصة:
قد يطلب صاحب الصفحة الإعلانية من متابعيه –خاصة النساء- التواصل على الخاص من أجل طلب تفاصيل أكثر عن السلعة والمساومة عليها ومع زيادة الأخذ والرد قد يخرج الأمر عن نطاق المساومة والاستفسار إلى التعرف والصداقة تحت مسميات (زبونة المحل – من الناشطات المتفاعلات على صفحتنا ) والانزلاق شيئا فشيئا إلى أمور لا ترضي الله تعالى.
فينبغي عدم الدخول في التعليقات العلنية في صفحات إعلانية يشرف عليها رجال ولتدع المرأة زوجها أو ابنها يتولى هذا الأمر, فكيف في الحديث على الخاص في زماننا زمان الفتنة.
ونوجه الإخوة في هذه المسألة أن يجعلوا إحدى محارمهم في إدارة الصفحة تتولى التواصل مع النساء.
6_ عدم طرح موضوع تافه للنقاش بهدف زيادة فاعلية الصفحة:
بعض أصحاب الصفحات التجارية يطرح موضوع تافه لا علاقة له بموضوع الإعلان والترويج مثلا (كيف تطبخون الطبخة الفلانية – ما رأيكم بالمسلسل الفلاني)
وتبدأ النساء بالدخول في هذه النقاشات التافهة وربما تكلموا بأمور تمس حياتهم الشخصية وينادون غيرهن للمشاركة بهذه المناقشات وقد يدخل صاحب الصفحة للمشاركة والرد أيضا ولا يخل الأمر من بعض الملصقات ذات الإيحاءات المنحرفة.
7_ الصدق في وصف السلعة:
الإعلان التجاري باعتباره مقدمة لمعاملة تجارية من حيث حقيقته وماهيته, ومعاملة تجارية مستقلة من حيث العلاقة بين أطراف العملية الإعلانية لا بد أن يقوم على أساس الصدق, وذلك بأن يتحرى المعلن الصدق والموضوعية في إعلانه, من خلال إخبار الجمهور المستهدف بما يوافق حقيقة السلعة أو الخدمة أو المنشأة المعلن عنها؛ وذلك لأن الإسلام ينهى عن تجاوز الحقيقة في الأمور كلها.
ومن لوازم تحري الصدق والعمل به تجنب الإطراء والمبالغة في وصف السلع والخدمات والمنشآت المعلن عنها؛ لأن تعاطي ذلك مجانب للصدق والبيان.
مثلا: يعلن عن براد صنع في ألمانيا والحقيقة أنه صنع في الصين.
8_ الحذر الغش والخداع:
إن المعاملات التجارية في الإسلام-والتي يعد الإعلان التجاري واحداً منها- مبنية على التناصح والوضوح, لقوله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة”, قيل: لمن يا رسول الله؟ , قال: “لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم” ومن أجل ذلك يجب على المعلن أن يتجنب الغش والتدليس في إعلانه.[8]
وذلك كأن يدعي ميزة في السلعة أو الخدمة أو المنشأة المعلن عنها, مع أنها ليست فيها, أو يظهر السلعة بالمظهر الحسن على شاشة التلفاز أو الإنترنت أو اللوحة الإعلانية أو صفحات الجرائد من خلال الاستعانة بالتقنيات الفنية, مع أن الأمر ليس كذلك.
والإعلان التجاري الذي ينطوي على الغش والتدليس والخداع يعد من الأعمال المحرمة شرعاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ومَن غَشَّنا فليسَ مِنّا”[9]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تصرُّوا الإبل والغنم, فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها: إن شاء أمسك, وإن شاء ردّها وصاع تمر”.[10]
وجه الدلالة:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التصرية لما فيها من تدليس وتغرير بالمشتري من خلال إظهار الناقة أو الشاة على أنها غزيرة اللبن, مع أنها ليست كذلك.[11]
والإعلان التجاري الذي ينطوي على الغش والخداع والتغرير إنما هو كالتصرية؛ لأنه يظهر السلعة بالمظهر الحسن على شاشات التلفاز أو الإنترنت أو اللوحات الإعلانية، أو على صفحات الصحف من خلال الاستعانة بالتقنيات الفنية, مع أنها ليست كذلك, فلا يجوز.
فترى صاحب السلعة يعرض سلعته على صفحته على الفيسبوك مثلا بمظهر يوهم المشاهد أنه كبيرة الحجم وعندما يأتي الزبون إلى المحل ليشاهدها على الواقع فإذا هي أصغر بكثير مما كانت تبدو عليه في الإعلان.
9_ النجش عن طريق الأصدقاء في التعليقات:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش”.[12]
وجه الدلالة:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش؛ لأن الناجش يقصد إيهام المشتري بأن السلعة مرغوبة وذات مزايا, مع أن الأمر ليس كذلك, مما يدل على حرمة كل نجش وخداع من خلال الثناء على السلعة بما ليس فيها, وهو ما يلجأ إليه بعض المعلنين عندما يستضيفون في إعلاناتهم بعض الزبائن الموهومين ليمدحوا السلعة المعلن عنها, ويثنوا عليها, زاعمين أن هذا المديح والثناء إنما كان بعد استخدامهم لهذه السلعة, ولا يكون الأمر كذلك.[13]
وفي الفيسبوك مثلا نجد من يتواطئ مع صديق له أو عدة أصدقاء, فيكتبون في التعليقات على المنشور مدحا لهذه السلعة ويرغِّبون الناس بها مع أنهم بالأصل لم يجربوها.
10_ تجنب الطعن في السلع والخدمات والمنشآت المنافسة:
إن من مقتضيات الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه, وان يكره لأخيه ما يكره لنفسه, لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”[14], ولذلك يجب أن تكون العلاقة بين المعلنين قائمة على التنافس المشروع وعدم التحاسد، فلا يجوز للمعلن أن يسعى إلى الإضرار بمنافسيه في إعلانه من خلال ذم سلعهم وخدماتهم ومنشآتهم, أو الحكم بأفضلية سلعته أو خدمته أو منشآته على السلع والخدمات والمنشآت الأخرى دون توضيح سبب موضوعي يمكن إثباته.[15]
ويمكن الاستدلال على حرمة الطعن في السلع والخدمات والمنشآت المنافسة في الإعلان التجاري بما يلي:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا, ولا يبع بعضكم على بيع بعض, وكونوا عباد الله إخواناً, المسلم أخو المسلم, لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره, التقوى ههنا -ويشير إلى صدره الشريف ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم, كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه”.[16]
ثانياً: ما روي عن عبادة بن الصامت أن رسول صلى الله عليه وسلم قضى “أن لا ضرر ولا ضرار”.[17]
ثالثاً: إن ذم السلع والخدمات والمنشآت المنافسة والطعن بها من خلال الإعلان التجاري يعد إساءة لأصحابها, وهذا لا يجوز, لقوله صلى الله عليه وسلم : “المسلم مَنْ سَلُمَ المسلمون مِنْ لسانه ويده”[18]
- طحان، دراسة اقتصادية للإعلان، ص88 ↑
- الضوابط الشرعية للإعلانات التجارية, د. ماهر حامد الحولي و أ. سالم عبد الله أبو مخدة, ص: 364 ↑
- الإسلام بين الشرق والغرب, علي عزت بيغوفيتش, ص: 264 ↑
- رواه مسلم, (36) ↑
- صحيح البخاري, ٣٤٨٤ ↑
- انظر: الصلاحين، الإعلانات التجارية، مجلة الشريعة والقانون، ص96. الإعلانات التجارية: مفهومها، وأحكامها في الفقه الإسلامي, علي عبد الكريم المناصير, ص: 134 ↑
- انظر: الصلاحين، الإعلانات التجارية، مجلة الشريعة والقانون، ص97. ↑
- أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان أن الدين نصيحة برقم (55). ↑
- صحيح مسلم, ١٠١ ↑
- متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب البيوع, باب: إن شاء رد المصراة برقم (2041) واللفظ له ومسلم في كتاب البيوع, باب: حكم بيع المصراة برقم (1524). ↑
- البغوي, أبو محمد الحسين بن مسعود الغراء, (ت 516هـ : 1112م). شرح السنة, ط1, 16م, ↑
- متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب البيوع, باب النجش برقم (2035) واللفظ له ومسلم في كتاب البيوع, باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه… برقم (1516). ↑
- الصلاحين, الإعلانات التجارية, مجلة الشريعة والقانون, ص 84-85. ↑
- متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الإيمان, باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه برقم (13) واللفظ له, ومسلم في كتاب الإيمان, باب: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير برقم (45). ↑
- انظر: الإعلان التجاري وبعض ما يترتب عليه من أحكام، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، ص208. ↑
- أخرجه مسلم في كتاب البر, باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره, ودمه ماله وعرضه
برقم (2564). ↑
- أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره برقم (2340)، انظر: ابن ماجه، سنن ابن ماجه، ص523.
- متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الإيمان, باب: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده برقم (10) ومسلم في كتاب الإيمان, باب: بيان تفاضل الإسلام وأيُّ أموره أفضل برقم (40), واللفظ للبخاري. ↑