علاج الشذوذ والوقاية منه

811

طرق الوقاية والعلاج

الوقاية خير من العلاج:

ومن طرق الوقاية:

1_ الرعاية النفسية والعاطفية للأبناء في هذه المرحلة:

يجب أن يتم إشباع الجوعة النفسية والعاطفية للأبناء في مرحلة الطفولة، والاهتمام بهذا الجانب لاسيما في هذا العالم المادي القاسي، فيجب الاهتمام بهذه الجوعة أكثر من الاهتمام بجوعة البطون.. ولا يتم إشباعها تماما إلا من خلال وجود الأب والأم معا، وصلاح العلاقة بينهما يساعد في إتمام الإشباع النفسي والعاطفي، وإن وقع -لا قدر الله- الجفاء والخلاف بينهما، فيجب أن يظل بينهما اتفاق على صيانة الأبناء وحمايتهم، ويظل الأبناء في حصن آمن بعيداً عن أي خلافات أسرية.

وفي حالة غياب الأب لعمل أو سفر أو موت أو طلاق.. يجب الاهتمام أكثر بضمان الحد الأدنى من العاطفة للأبناء عن طريق الأهل والأقرباء، وتغذية الأبناء بالتصورات الصحيحة، خاصة عندما تغيب العاطفة الحنونة.

2_حماية الأطفال من أي اعتداءات أو تحرشات:

يجب على الأبوين حماية أطفالهما من أي اعتداءات جنسية أو لفظية، وعدم وضع الأبناء في محيط فاسد، ويجب التنبيه عليهم بعدم السماح لأحد بلمس المناطق الحساسة من الجسم، وغير ذلك من الممارسات التي تبدو فاحشة، أو تشير إلى فعل فاحش، ومتابعة سلوك الأبناء جيدا، خاصة في محيط المدارس والتجمعات، والاطمئنان إلى صحتهم النفسية والعاطفية دائما، ولا يقُامر الآباء بحياة أبنائهم الخلُقية في أي مكان، بل يجب الاطمئنان لضمان حياة صحية أخلاقية روحية لهم، وفي حال الشعور بأي شك، يجب التأكد على الفور، وحماية الأبناء من كل سوء، فهم أمانة، ومسؤولية.

3_ الثقافة المناسبة.

يجب على الأبوين تعليم أبنائهم الثقافة المناسبة لتطورهم العقلي، والإجابة عنها إجابة مناسبة تلُبي جوعة الاكتشاف والسؤال، وتكفيهم.. حتى لا يبحثوا عنها في أماكن أخرى! والإجابة بـ “ستعرف عندما تكبر” أسوأ إجابة، لتساؤلات فطرية، بل يجب احترام السائل واحترام السؤال، والإجابة بما يناسب عقله وفطرته، في جو من الاحترام، واللغة المناسبة، والجدية التي تحترم المعرفة، دون الاستهزاء بالسن أو بسؤال الطفل في أي مرحلة من مراحل حياته.

4_ الطفل السوي:

يجب تربية الأطفال تربية سوية.. فالطفل الذكر يجب أن يعُامل على مستوى ذكورته، وتضخيم حس الرجولة فيه، وعدم تدليله كالأنثى، وعدم المبالغة في الخوف عليه، أو منعه من النشاط الطبيعي، ومن الاحتكاك بالحياة، بل على العكس يجب دفعه إليها، وخروجه مع الأب في صلاة، أو قضاء حاجة، أو صحبة أصدقاء، والتعامل معه بحرص واهتمام على تنمية صفات الرجولة فيه، وبيان تميزه بهذه الصفات، وفي حال غياب الأب، ينوب عنه الأقارب من الجد أو الأعمام أو الأخوال… إلخ، وللأم دور كذلك في معاملة طفلها كرجل، وتغذية هذا الشعور فيه، حتى مع غياب الأب أو من ينوب عنه.

والطفلة الأنثى يجب معاملتها على مستوى أنوثتها، وفطرتها الطبيعية، وتضخيم حس الأنوثة فيها، وما يصحبه من دلال، وحياء، وأدب، وتجمل، والعمل على مشاركتها في الأعمال المنزلية، ومسؤوليتها عن البيت، ودفعها لعمل بعض المهام البسيطة التي تناسب سنها، وعدم تحميلها ما لا تطيق، ولا يتفق مع أنوثتها، واختيار الثوب المناسب لها، وتعليمها آداب الحوار، والحديث، والتمييز في اختيار الألعاب بين الطفل الذكر والأنثى.

من الأشياء التي يجب مراعاتها، حتى تتم عملية النمو السوي للأطفال، وبالجملة.. العمل على تعزيز الفطرة الأصيلة للذكر والأنثى، فتكون التربية على “ترجل” الفتى، و”تأنث” الفتاة.

وليس أفضل من حفظ القرآن الكريم، وتعليمه لصيانة الأبناء، فهو نور وضياء لهم في طفولتهم وشبابهم وطوال عمرهم بإذن الله.

5_ الثقافة الإسلامية الصحيحة:

في مرحلة الشباب المبكر يتشكل وعي الشاب والفتاة بصورة أكبر بكثير من مرحلة الطفولة، ويتم فيها بناء القيم والموازين، والتصورات والأفكار، وتشكيل الثقافة الإسلامية الصحيحة من أهم وسائل الدفاع أمام “الإلحاد والإباحية” التي يحمل الغرب لواءهما، ويبثهما من خلال العلوم والفلسفات… إلخ.

وبمجرد كشف تهافت وزيف هذا الدجل ينهار ويدُمغ فلا تقوم له قائمة.. ويجب أن يحرص الآباء على صحة المسلمات العقلية للأبناء، وضمان توافقها مع التصور الإسلامي، بل يجب أن تكون نابعة منه ابتداء، وعلى الآباء تحصيل الثقافة الكافية في ذلك، فيشجعون الأبناء على مصادر المعرفة الصحيحة.

6_الانتباه للمعرفة الوافدة من الغرب:

مناهج المدارس العالمية، والجامعات الخاصة الأجنبية.. تعمل على التبشير بالإلحاد والإباحية والشذوذ، وكل ذلك في قالب علمي، وفكري، وفلسفي، وأحيانا بطرق غير مباشرة، وأحيانا أخرى بطرق مباشرة واضحة وصريحة، ولا تخلو المدارس والجامعات الحكومية من هذه اللوثة، لكنها أكبر في المدارس والجامعات الأجنبية والعالمية. ويجب الانتباه لما يرد فيها من أفكار مادية إلحادية، يتم فرضها على عقول أبناء الأمة المسلمة؛ حتى يتخرجوا فيها، وهم يدينون لها بالولاء الكامل، والإيمان التام!

وهذه أكبر جريمة يرتكبها الآباء في حق أبنائهم، هي جريمة مهما أنفقوا من أموالهم لهذا التعليم! بل يجب النظر إليها نظرة الناقد لا المتعلم..

7_التشجيع على الزواج ومباركته:

في هذه المرحلة يجب احترام الرغبات الفطرية الطبيعية للشاب والفتاة، وتشجيعه وتحبيبه في علاقة الزواج، وضمان أنه يتوق إليها، ولا يشعر بالنفور منها، لأي سبب سواء أكانت أسبابا اجتماعية أو اقتصادية أو تجارب فاشلة تحيطه.. بل يجب جعل هذه العلاقة منتهى السعادة، وخير متاع الدنيا، وتعليم الأبناء مهارة بناء العلاقة السوية الصحيحة مع شريك الحياة.. زوج المستقبل، وتطهيرها من أي لوثة علمانية يبثها وينسجها الإعلام؛ ويفُسد بها العقول.. إذ يصور الإعلام الفاسد علاقة العاشقين هي الحب الحقيقي، والزواج هو الجحيم، وكل ذلك من فعل الشيطان!

ويجب مساعدة الشاب في دفعه إلى البحث عن زوجة، المساعدة المادية عند الاستطاعة، والمساعدة النفسية والدعم، وعدم النظر إليه نظرة طفولية! فذلك مما يزهده في الزواج..

وبالنسبة للفتاة يجب عدم تأخير سن الزواج عليها أبدا، تحت أي ظروف، خاصة ظروف التعليم التي تطَول في بلادنا بلا داع سوى التعمد في تأخير سن الزواج! من أجل منظومة تعليمية من أفشل النظم في العالم! ويجب تيسير أمور الزواج، وعدم التكلف فيها بما يدَفع إلى العنوسة، وتأخر سن الزواج، وربما استحالته فيما بعد.

8_حمايتهم من المفاسد:

أول وسيلة للحماية من المفاسد هو بيان أنها “مفاسد”، وتضخيم الحساسية الإيمانية تجاه هذه المفاسد، والتي تحيط بنا في كل مكان، وليس أفضل من إنشاء “الرقابة الذاتية” من الإنسان على نفسه، فالحماية لا تعني التجسس والمراقبة على الأبناء، ولكن تعزيز شعور تقوى الله، وخشيته في السر والعلانية، والتوبة الدائمة المستمرة، ومحاولة خلق بيئة نظيفة للأبناء، وإبعادهم قدر الوسع والطاقة عن كل الملوثات التي تنُشر في وسائل الإعلام والجوالات، ومن أعظم الوسائل في ذلك هو: ملء الفراغ، وتفريغ الطاقة، والاهتمام بمعالي الأمور، والانشغال بالنافع المفيد… إلخ، فكل هذه الأمور مما تسمو بالإنسان، وبروحه، وتشغل وقته، وفكره عن التسافل والهبوط.

والتأكد من اختيارهم للصحبة الصالحة، التي تعُين على الخير، وتحذير الأبناء من صحبة السوء، ومجالسة أهل السوء أو الاستماع إليهم.. وإن عدُمت صحبة الصلحاء، فيجب تعليم الأبناء الاستعلاء بإيمانهم وأخلاقهم عن التسافل، وعدم المضي مع التيار، ولا يكون أحدهم إمعة، بل يوطنوا أنفسهم على الخير، مهما تسافل الناس والواقع من حولهم.. وتربيتهم التربية الصالحة، التي تُخرج شخصيات قوية في الحق، ليست ضعيفة ولا هشة، ولا تتلاعب بها الظنون والأوهام والأهواء.

9_دعم الحملات والشخصيات والمواقف التي تحارب هذه الظاهرة الشاذة:

يتصدى العديد من المفكرين والعلماء والأطباء والمثقفين والشخصيات ناشرة الخير على وسائل التواصل لشبهات الشذوذ وينشرون الوعي في سبيل الوقاية منها والتخلص منها، ومن أبرز تلك المواقف موقف اللاعب أبو تريكة في تصريحاته المناهضة للشذوذ، ودعمه للاعب باريس سان جرمان “إدريس غاي” في رفضه لقميص الترويج للمثلية.

العلاج الإيماني والنفسي:

من وسائل العلاج الإيماني:

1_الانطلاق من قاعدة التوبة:

الانطلاق من قاعدة “التوبة” مسألة تأسيسية ضرورية في المسار الإسلامي نحو القضاء على هذه الفاحشة؛ لأن فاعل الفاحشة سيقول بكل بساطة: لقد جربت العلاج، ولم يفُلح! ويلُقي باللوم على المعالج والطبيب أو على فشل وسائل العلاج، بينما المسار الإسلامي ينطلق من مسؤولية الإنسان عن نفسه، وأنه ليس مريضا بالمعنى الجسدي الذي قد يعجز فيه الأطباء والدواء! إنما هو مريض القلب والنفس بالمعنى المعنوي، وهو المسؤول عن صلاح نفسه، والمعالج والطبيب إنما هو يساعده فقط، ويأخذ بيده إلى التوبة والعافية، فإن فشل.. فالمسؤولية كاملة على العاصي المذنب..

فمن الخطورة جدا الحديث عن “العلاج” كأن الشذوذ الجنسي مرض كالأمراض العضوية، فهذا فيه شيء من طريقة “القهر الجيني” الذين قالوا: إن الفاحشة الشاذة هي من قهر الجينات، وإذا سلمنا أنها مرض بالمعنى العضوي كأمراض الجسد، فالمريض هنا ليس مسؤولا عن نفسه، وإن فشل العلاج، فهو بريء مما يفعله؛ لأنه يفعله بدافع المرض، أو أعراض المرض، كأن يصُاب بنزلة برد أو رشح.

وهذا ما يجب تأكيده من الخطوة الأولى.. إن فاعل الفاحشة هو مريض القلب والنفس، وكل إنسان يمرض قلبه بالفواحش والذنوب، والعبرة والنجاة بمن يسارع في التوبة، ولا يصُر على المعصية، ولا يتبجح بالمنكر، وما نسميه علاجا، هو مساعدة على التوبة فقط، وتحبيب فيها، وتكريه للفسوق والعصيان، وعند غياب هذه المساعدة، يظل الإنسان أيضا مسؤولا مسؤولية كاملة عن نفسه، وعن توبته، وعن تزكية نفسه.

وإن المضي في العلاج سواء النفسي أو التربوي، أو أي علاج هو مساعدة يستحقها من يطلب العلاج، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال “قبول الشذوذ، والدفاع عن حقوقه” بل العكس هو الصحيح، هو فعل بالأساس مُدان، وجريمة يجب مواجهتها، ومواجهة أي محاولة تطبيع معها..

وهناك فرق بين من يريد أن يتوب، ويستقيم، وبين من يقع في الفاحشة آسفا نادما، وبين من يريد التطبيع، وإقرار حقوقهم ونمط حياتهم، وجعلها طبيعية..

فالأول: نشجعه على التوبة ونساعده عليها، والثاني: نستر عليه، ما لم يفضح نفسه.. فإن فعل وقع عليه العقوبة. والثالث: نواجهه ونحاربه ونفضح مكره.

2_ التذكير برحمة الله الواسعة:

على المعالج النفسي تضخيم رحمة الله في حس المعالَج، والتأكيد عليها، ودفع أي وساوس تجاهها، وإن ما يعانيه من ألم وقلق واكتئاب يزول كله برحمة الله التي لا ممسك لها: {مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٢}[سورة فاطر:2]

وهذه الرحمة عندما تلمس القلوب الخائفة الحزينة المضطربة القلقة المعذبة، فإنها تستحيل إلى واحة من الطمأنينة والسكينة والسلام والراحة، رغم أن العالم الخارجي لا يتغير، ولكن العالم الداخلي المظلم المعذب، يضيء ويتنور ويستريح. ودور المعالِج هو بث هذه الروح في نفس المعالَج، ودفع أي وساوس وأفكار حالت بينه وبين طلب رحمة الله.

3_ الوعد والوعيد:

من يأت نادما حزينا مهموما فإن القرآن الكريم يتلقاه بالبشارة والرحمة، ويهدهد نفسه، ويربّت على كتفيه.

{۞قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣}[سورة الزمر:53] {وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ١٣٥}[سورة آل عمران:135]

ومن يأت متكبرا متجبرا معاندا فإن القرآن الكريم يتلقاه بالوعيد الشديد، والعذاب الأليم، ويرُهبه رهبة لا مثيل لها، حتى يكسر عناده واستكباره..

{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡخُلۡدِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ ٥٢}[سورة يونس:52]

{فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ٣٧وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ٣٨فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٣٩}[سورة النازعات:39]

فالنفس الإنسانية كما تحتاج إلى البشارة والوعد، فإنها تحتاج أيضا إلى التهديد والوعيد..

ولا يمكن أن تمضي بخط واحد، بل لا بد من الموازنة، والتقدير حسب طبيعة النفس، وحالتها، وليس صحيحا هو المضي في البشارة وحدها، دون تحقيق النذير.. خاصة في الأفكار والفلسفات التي تحاول تأليه الإنسان، وتجعله هو وشهواته ولذاته هو المحور والأساس الذي من أجله تمضي الحياة!

4_ النفس اللوامة:

على عكس مدرسة علم النفس الغربية، النفس اللوامة حالة صحية، وإعلان فطرة، ويقظة من الضمير، ولوم الإنسان نفسه على فعل الشر، أول خطوة في طريق الإقلاع عنه، فدون هذا اللوم يتم التطبيع مع كل جريمة، والبحث لها عن تبرير.

5_ غض البصر:

قال ابن القيم -رحمه الله-: “وَالْكَلَامُ فِي دَوَاءِ دَاءِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْمَحَبَّةِ الْهَوَائِيَّةِ مِنْ طَرِيقَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَسْمُ مَادَّتِهِ قَبْلَ حُصُولِهَا. وَالثَّانِي: قَلْعُهَا بَعْدَ نُزُولِهِ، وَكِلَاهُمَا يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمُتَعَذِّرٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُعِنْهُ اللَّهُ، فَإِنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدَيْهِ.

فَأَمَّا الطَّرِيقُ الْمَانِعُ مِنْ حُصُولِ هَذَا الدَّاءِ، فيكون بغَضِّ الْبَصَرِ، فَإِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، وَمَنْ أَطْلَقَ لَحَظَاتِهِ دَامَتْ حَسَرَاتُهُ. قال تعالى: {قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ}[سورة النور:31]”. [1]

العلاج النفسي السلوكي:

من أساليب هذا العلاج:

1_ التحصن بالموقف الصحيح من الشذوذ:

بداية.. يجب على المعالج تحصين نفسه، بالموقف الصحيح من الشذوذ الجنسي، بعيدا عن دجل الهيئات العالمية، ومقرراتها الفلسفية، ويتحرر من أي تأثير لها في فكره أو نفسه، لأنه سينعكس على طريقة علاجه.

2_ الفصل بين شكوى المعالَج وحالة المعالج النفسية:

يتحصن المعالج النفسي من الوضع المأساوي للمعالَج، ويضع حدا فاصلا بين شكوى المعالَج، وبين حالة المعالج النفسية ذاتها، لأن التعاطف، والتجاوب، والدخول معه في “حالته الشعورية”، معناه أن المعالج النفسي يحتاج إلى من يعالجه!

3_تنمية المهارات والاستفادة من التجارب:

تنمية المهارات والتقنيات والاستفادة من التجارب، طالما لا تخالف المبادئ الأخلاقية الإسلامية، والمعالج يختار ما يشاء، ويدع ما يشاء حسب ما يراه نافعا ومفيدا ومجربا، ولا يتعارض مع مبدأ إسلامي.

4_ضبط المشاعر والعواطف:

امتلاك مهارات العلاج السلوكي والإدراكي، والقدرة على ضبط المشاعر، والعواطف، والأفكار، وهي خبرة عملية ونظرية يكتسبها المعالج بطول الممارسة.

5_عدم التدخل بحياة المعَالج:

لا يسمح المعالج النفسي لمن يعالجه بالدخول في حياة المعالج الشخصية بأي شكل من الأشكال، ولا يتحدث المعالج معه عن علاقته الجنسية مع زوجته؛ لأن هذا منزلق خطير يجب على المعالج الانتباه له، والحذر منه.

6_ تغيير البيئة والصحبة الفاسدة:

تغيير البيئة والصحبة الفاسدة ضرورة لقطع الاتصال “النفسي والاجتماعي” بمصدر السوء والشر، وسد منافذه، والفطام عن نمط الحياة الفاسد، وتأهيل النفس لبداية “نمط حياة” جديد نظيف، وطاهر، وصالح؛ ليكون هو المحضن الجديد للنفس الإنسانية.[2]

7_ الرقابة على التجمعات المغلقة:

التعامل بوعي ورقابة على التجمعات المغلقة كالمدارس والجامعات والمعسكرات والسجون حيث يؤدي طول المكث في المكان نفسه مع الأشخاص أنفسهم في بعض الأحيان إلى تخطي الحدود الشرعية في العلاقة وما ينتج عنها من آثار لا تحمد عقباها نتيجة الصحبة العميقة على المدى الطويل في المكان نفسه والتعلق الزائد بالصديق.

8_ الغلو في الحضارة المادية:

تنبأ الدكتور عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- بوصول الغرب إلى ما هم عليه اليوم من الشذوذ والانحلال الأخلاقي لأن التوجه الحضاري نحو اللذة نتيجته الحتمية الشذوذ.

يقول المسيري: لقد تنبأت في رسالتي للدكتوراه بتلك الحالة من الشذوذ الجنسي في المجتمع الأمريكي، ولقد أطلقت عليها مسمى (الشذوذ الجنسي البروتستانتي) وقد سبب هذا المسمى نوعا من الصدمة لدى الكثير من المشرفين على رسالة الدكتوراه كونهم من نفس المذهب، لكن كان ردي صادما لهم حيث أوضحت أنه إذا كان التوجه في الحضارة الغربية نحو اللذة، فإن الجنس مع الأنثى حظر وتضييق، لأن ذلك سيؤدي لعلاقة مع الآخر.

تلك العلاقة تفرض نمطا من الأخذ والعطاء، ووجود أطفال أحيانا بما يمثله من بعد اجتماعي، كذلك تعني نوعا من الثبات في العلاقات بخلاف العلاقات العابرة. فإذا كان الأمر هو التوجه نحو اللذة؛ ستكون النتيجة الحتمية هي الشذوذ الجنسي. هذا في الوقت الذي لم تكن هذه الظاهرة بهذا الوضوح الفج والقبيح، غير أن دراستي عن شاعر اسمه “تويتمان” الذي أقر بأنه أصبح شاذًا جنسيًا نتيجة أسباب أيديولوجية مرتبطة بالحرية واللذة وأن هذه الحرية واللذة هي التعبير الحقيقي للمشروع العالمي للحرية.[3]

  1. الجواب الكافي, 1/178
  2. من كتاب المثلية بين الإسلام والعلمانية بتصرف يسير
  3. رأي مثير للاهتمام حول قضية الشذوذ الجنسي | د. عبد الوهاب المسيريhttps://www.youtube.com/watch?v=iKjEkaoYP14
Leave A Reply

Your email address will not be published.