العمل الجماعي صفة الفريق الدعوي الناجح

1٬445

العمل الجماعي صفة الفريق الدعوي الناجح

إن المطلوب من كل مسلم أن يعمل لنصرة دين الله بأن يسعى لإقامة شرع الله فينصره الله بقدر سعيه وجهده. ولكن مما لا شك فيه أن العمل الجماعي لنصرة الإسلام هو الذي أرشد إليه الإسلام وأشار إليه القرآن الكريم، قال تعالى: {وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤}[سورة آل عمران:104]

والأمة في أحد الوجهين بعض الأمة وليس كلها.[1]

ومعنى ذلك أن المراد ب (الأمة) في الآية جماعة من المسلمين تقوم بالدعوة إلى الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أي تقوم بنصرة الدين. والجماعة تنظيم جماعي، فهي إذن تقوم بالدعوة إلى الله عز وجل بشكل جماعي منظم، وعملها هذا بهذا الشكل أجدى وأنفع من عمل المسلمين فرادى ومتفرقين. وهذا يعني أن ضم جهود الأفراد بعضهم إلى بعض والعمل سوية بتنظيم جماعي يحقق من النتائج ما لا يحققه العمل الفردي، ومعنى ذلك أن العمل الجماعي المنظم مما يحبه الله ويطلبه الإسلام قطعا للأمر بتكوين (أمة) تقوم بالدعوة إلى الله. وعلى هذا يمكن القول: إن قيام (عمل جماعي) أمر مرغوب فيه شرعا وتشتد درجة ندبه واستحبابه كلما كان قيام هذا التنظيم ممكنا وكانت الحاجة إليه شديدة والغرض منه نصرة الدين والدعوة إليه.[2]

دعوة الأنبياء قائمة على العمل الجماعي:

قال تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام:

{وَٱجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي ٢٩هَٰرُونَ أَخِي ٣٠ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي ٣١وَأَشۡرِكۡهُ فِيٓ أَمۡرِي ٣٢كَيۡ نُسَبِّحَكَ كَثِيرٗا ٣٣ وَنَذۡكُرَكَ كَثِيرًا ٣٤}[سورة طه:34]

وعلل موسى -عليه السلام- سؤاله تحصيل ما سأله لنفسه ولأخيه، بأن يسبحا الله كثيرا، ويذكرا الله كثيرا، ووجه ذلك أن فيما سأله لنفسه تسهيلا لأداء الدعوة؛ بتوفر آلاتها، ووجود العون عليها؛ وذلك مظنة تكثيرها.

وأيضا فيما سأله لأخيه تشريكه في الدعوة، ولم يكن لأخيه من قبل، وذلك يجعل من أخيه مضاعفة لدعوته، وذلك يبعث أخاه أيضا على الدعوة، ودعوة كل منهما تشتمل على التعريف بصفات الله، وتنزيهه، فهي مشتملة على التسبيح، وفي الدعوة حث على العمل بوصايا الله تعالى عباده، وإدخال الأمة في حضرة الإيمان، والتقوى، وفي ذلك إكثار من ذكر الله بإبلاغ أمره ونهيه.

وأيضا في التعاون على أداء الرسالة تقليل من الاشتغال بضرورات الحياة؛ إذ يمكن أن يقتسما العمل الضروري لحياتهما، فيقل زمن اشتغالهما بالضروريات، وتتوفر الأوقات لأداء الرسالة، وتلك فائدة عظيمة لكليهما في التبليغ.

والذي ألجأ موسى إلى سؤال ذلك علمه بشدة فرعون، وطغيانه، ومنعه الأمة من مفارقة ضلالهم، فعلم أن في دعوته فتنة للداعي، فسأل الإعانة على الخلاص من تلك الفتنة؛ ليتوفرا للتسبيح والذكر كثيرا.[3]

وكذلك نبينا عيسى عليه السلام عندما أحس الكفر من قومه، وعلم ذلك علما يقينيا، اتجه إلى من يدعوهم يتعرف من أصاب الإيمان قلبه ليتخذ منهم قوة للدعوة وليكونوا صورة للمهتدين الصادقين.[4]

قال تعالى: {فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ٥٢}[سورة آل عمران:52]

والنصر يشمل إعلان الدين والدعوة إليه. ووصل وصف أنصاري بإلى إما على تضمين صفة أنصار معنى الضم أي من ضامون نصرهم إياي إلى نصر الله إياي، الذي وعدني به وإما على جعله حالا من ياء المتكلم والمعنى في حال ذهابي إلى الله، أي إلى تبليغ شريعته.[5]

الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء وكذلك أتباعهم:

إن الدعوة إلى الله عز وجل ليست مهمة الأنبياء فقط, بل إن التكليف بالدعوة إلى الله تعالى هو واجب كل مسلم ومسلمة.

قال تعالى: {قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨}[سورة يوسف:108] فأتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم، المؤمنون به، يدعون إلى الله على بصيرة، أي: علم ويقين، كما كان رسولهم -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الله على بصيرة ويقين، ومعنى ذلك أن من اللوازم الضرورية لإيمان المسلم أن يدعو إلى الله، فإذا تخلف عن الدعوة دل تخلفه هذا على وجود نقص أو خلل في إيمانه، ويجب تداركه بالقيام بهذا الواجب، واجب الدعوة إلى الله.[6]

ولا بد هنا من وقفة مهمة مع ثمار الصديق الدعوية في الدعوة السرية إلى الإسلام:

في اليوم الثاني من أيام الدعوة بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون الأوائل يتحركون لانتقاء عناصر جديدة.

ولنا وقفة مهمة مع حركة الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فقد كان الصديق إيجابيا بدرجة لا يمكن وصفها، كان يتحرك بالدعوة وكأنها أنزلت عليه، لم تكن الدعوة عنده مجرد تكاليف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يحب الإسلام ويريد من الناس جميعا أن يعرفوه، وفي نفس الوقت كان يحب كل الناس، وهذا الحب للدين وللناس نتج عنه حماسة دعوية على أعلى مستوى، ففي أول تحرك له أسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف.[7]

المطلب الأول: أركان العمل الجماعي الدعوي:

أولا_ الربانية (وحدة الدافع والهدف):

أ_الدافع:

قال تعالى:{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢}[سورة الأنعام:162]

أول شيء يحتاج إليه في العمل الجماعي قيادة وأفرادا (العقيدة التي تدفع إلى العمل)

– فالعمل إذا كان الدافع إليه مجرد (عاطفة) سرعان ما يتركه الإنسان ويتحول عنه.

– وإذا كان مجرد الدافع إليه (صحبة وعلاقة بين أفراد) سرعان ما تتقطع الصلات.

– وإذا كان الدافع إليه (مصالح دنيوية) فهذا أسرع شيء انقطاعا.

– فإذا كان الدافع إلى العمل (عقيدة) فهذا الذي يبقى، ولذلك قال سبحانه عن هؤلاء الفتية (آمنوا بربهم).

فالعلاقة إذا قامت على الإيمان استمرت؛ حيث بنيت على أساس قوي، ولأن العمل الناشئ عن الإيمان له دافع عقدي يدعو إليه (وراءك دافع يقدمك)، فهذا الدافع من عقيدتك بخلاف ما لو كان الدافع مجرد الصحبة أو العاطفة أو المصلحة أو القرابة: فهذه تنقطع كلها.[8]

ب_الهدف:

هدف الفريق الدعوي هو تحقيق أمر الله عز وجل بالدعوة إليه, وإخراج الناس من الظلمات إلى النور على علم وبصيرة, في طريق لا يبغي السائر فيه علوا في الأرض ولا فسادا ولا نصرة فرد ولا جماعة إنما رضا الله وحده بالسير على صراطه المستقيم.

قال تعالى: {الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ١}[سورة إبراهيم:1]

لتخرج هذه البشرية من الظلمات. ظلمات الوهم والخرافة. وظلمات الأوضاع والتقاليد. وظلمات الحيرة في تيه الأرباب المتفرقة, وفي اضطراب التصورات والقيم والموازين .. لتخرج البشرية من هذه الظلمات كلها إلى النور. النور الذي يكشف هذه الظلمات. يكشفها في عالم الضمير وفي دنيا التفكير. ثم يكشفها في واقع الحياة والقيم والأوضاع والتقاليد.[9]

قال تعالى: {تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ ٨٣}[سورة القصص:83]

فإذا كانوا لا إرادة لهم في العلو في الأرض والإفساد، لزم من ذلك، أن تكون إرادتهم مصروفة إلى الله، وقصدهم الدار الآخرة، وحالهم التواضع لعباد الله، والانقياد للحق والعمل الصالح.[10]

ثانيا_ القيادة الدعوية:

قال ابن تيمية رحمه الله: إن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض, ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس, حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم {إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم} . رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة. وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم}[11] فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع. ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة.[12]

ومن أبرز صفات القيادة الدعوية الناجحة إيمانها بالعمل الجماعي والعمل بروح الفريق.

ثالثا_ بناء الفريق الدعوي:

صفات هذا البناء:

1_ أساسه التقوى:

{أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٠٩}[سورة التوبة:109]

في هذه الآية دليل على أن كل شيء ابتدئ بنية تقوى الله تعالى والقصد لوجهه الكريم فهو الذي يبقى ويسعد به صاحبه ويصعد إلى الله ويرفع إليه.

وليطمئن دعاة الحق على مصير دعوتهم, في مواجهة دعوات الكيد والكفر والنفاق, وليطمئن البناة الذي بنوا بنيانهم على أساس من التقوى كلما واجهوا البناة الذين بنوا بنيانهم على الكيد والضرار.[13]

2_ اختيار أفراده ممن يصلح للعمل الجماعي:

العمل مع الغير لنشر الإسلام والدعوة إلى الله يحتاج إلى فقه دقيق وصبر جميل، وترويض للنفس على الطاعة، وقدر كبير من ضبط النفس ونكران الذات والتواضع، والقابلية على الانسجام مع سير المشتركين معه في العمل لنشر الإسلام، وقبول الرأي المخالف لرايه إذا أقرته الجماعة، أو اختاره الرئيس، إلى غير ذلك من المعاني اللازمة لأي عمل جماعي، ولهذا كله فليس كل مسلم يصلح للعمل الجماعي؛ لأنه ليس كل مسلم فيه المعاني اللازمة لهذا العمل، فقد يكون صالحا في نفسه، ولكنه لا يفقه معنى النظام والطاعة، فهو يعتبر تقييدا على حريته ونوعا من التعسف، ويعتبر الطاعة مذلة واستكانة، لا متابعة لأمر الله وإطاعة له، كمتابعة المأموم لإمامه في الصلاة، يتابعه تنفيذا لأمر الشرع، وليسلم له الأجر والثواب، ومثل هذا المسلم قد ينفع منفردا، ولكنه يضر إذا عمل مع غيره، وقد يكون قدوة سيئة لمن يعمل معه من أفراد الجماعة في إخلاله بالنظام وعدم التزامه بمقتضيات العمل الجماعي.[14]

3_ الفتوة:

قال تعالى: {نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى ١٣}[سورة الكهف:13]

المعنى الأول للفتوة (الشباب):

ذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابا، وأما المشايخ من قريش، فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل. وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا.[15]

المعنى الثاني للفتوة (قابلية التغير والتغيير):

والفتوة ليست ترجع إلى مستوى أو عمر (فلا يقصد بها فتوة السن)، وإنما هي صفة في الإنسان يقصد بها (قابلية الإنسان للتأثر والتأثير والتطور والتطوير والتغير والتغيير).

فإذا كان الإنسان قابلا لأن يتأثر -في نفسه- ويؤثر -في غيره-، ويتطور ويطور، ويتغير ويغير فهو (فتى) ولو كان كبيرا في العمر.

المتربي إذا أراد أن يكون فتيا -كفتوة أصحاب الكهف- فلا بد أن يقبل لنفسه التطوير والتربية والتزكية، ويتقبل آراء الآخرين والتعاون معهم وعدم إقصائهم.

فالمنفرد ليست لديه فتوة، هو يمكن أن ينجز ويأتي بمشاريع ويفيد ولكنه لا يندمج مع غيره، فمشروع المنفرد يختص بعمره وينتهي، بينما من كانت لديه هذه الفتوة فمشروعه مستمر وهو مفتوح المشاركة، ويمكن أن يشترك فيه الملايين من البشر وليس له حدود.[16]

رابعا: تنظيم العمل الدعوي:

التنظيم: هو وضع نظام للعلاقات على نحو منسق إداريا, وتحديد للوظائف وتكوين للوحدات الإدارية.[17]

التنظيم بالمفهوم الإسلامي الشرعي: “وظيفة إدارية رئيسة تسعى إلى تحديد كل النشاطات المباحة في المؤسسة، وتحديد أوجهها، ثم تقسيمها إلى مجموعات من الأعمال؛ بحيث يمكن إسناد كل منها إلى الشخص الذي تتوفر فيه مواصفات وشروط معينة، مع توضيح كل الحقوق والالتزامات، وكذلك العلاقات الداخلية بين الموظفين – رؤساء ومرؤوسين – في المؤسسة، والمتعاملين معها من الخارج أفرادا ومؤسسات، في ضوء أحكام وتعليمات مصدرها الشريعة الإسلامية؛ وذلك من أجل تحقيق أهداف مشروعة”[18]

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه “[19]

(أن يتقنه) الإتقان: الإحسان والتكميل أي يحسنه ويكمله.[20]

عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته”[21]

قال الأبي المالكي ـ رحمه الله ـ : (فيه أهمية الإجادة في الأعمال المشروعة، فحق من شرع في شيء منها أن يأتي به على الكمال واستيفاء الشرائط المصححة والمكملة، فإذا فعل ذلك قل عمله وكثر ثوابه)[22]

ويدخل تنظيم العمل الجماعي الدعوي-ولا يتخيل وجود عمل جماعي بداهة بدون تنظيم- في باب إتقان العمل والإحسان فيه حتى يؤدى على الوجه المطلوب في حفظ أغلى مقاصد الشريعة ألا وهو الدين.

ويتجلى تنظيم العمل في عدة نقاط أهمها:

أ_التخطيط:

المقصود بأسلوب التخطيط في الدعوة: تفهم الداعية لشمول أهداف دعوته ومقاصدها، وإدراكه الوسائل التي ينبغي أن يسلكها لتحقيق هذه الأهداف، ثم وضع خطة محددة المعالم، ينظم جهوده على ضوئها، مراعيا الإمكانيات المتاحة له، والظروف المؤثرة في الواقع، بحيث تكون هذه الخطة مؤدية إلى تحقيق الأهداف المقصودة، سواء أكانت أهدافا قريبة أم بعيدة، وأن لا يترك العملية الدعوية تسير خبط عشواء، مستندة إلى محدودية النظر، والتصرفات الوقتية الصادرة عن ارتجالية لا عن تفكير عميق وتنظيم، أو أن تسيرها الظروف والأحوال، دون أخذ الأهبة والاستعداد للمتغيرات حولها، بل محاولة التنبؤ بما قد يعترضه من عوائق ومشكلات.[23]

وفي القصص القرآني نجد التخطيط سمة واضحة في دعوة أصحاب الكهف وهو ما يطبق عليه الخطة الاستراتيجية: ماذا نريد أن نعمل؟ ماهي أهدافنا؟ هل لدينا وسائل تحققها؟ هل يمكن أن ننتج تلك الوسائل؟ وماتزمينها؟ ماأولوياتنا؟ بماذا نبدأ؟ .. ومن أين نبدأ؟) … إجابة كل هذه الأسئلة يسمى ب(الخطة الاستراتيجية) فجاءت هذه الخطة ودل عليها قوله تعالى: {وإذ ٱعۡتزلۡتموهمۡ وما يعۡبدون إلا ٱلله فأۡوۥٓا إلى ٱلۡكهۡف ينشرۡ لكمۡ ربكم من رحۡمتهۦ ويهيئۡ لكم منۡ أمۡركم مرۡفقٗا ١٦}[سورة الكهف:16]

هذه الخطة تقتضي (عزلة)، وهذه العزلة تنقسم إلى قسمين:

١- إلى عزلة حقيقية (هجرة بالذات).

٢- وعزلة شعورية (هجرة بالشعور).

هذه الخطة هي التي تنظم عملهم، وترتب لهم أولوياتهم، فهم يريدون (تغيير مجتمعهم إلى الإصلاح) فكان اختيار العزل من أجل تربية النفوس وإعدادها لتنطلق إلى دعوة المجتمع.[24]

وتبرز أهمية التخطيط للفريق الدعوي في زماننا الذي أغفل الدعاة فيه التخطيط, وغفلوا عن أهميته, فاضطربت دعوتهم, وتعثرت خطاهم, وتمكن منهم أعدائهم, فحاكوا لهم من الخطط ما أعجزهم -((انظرعلى سبيل المثل على برتوكلات صهيون وكتاب التنصير: “خطة لغزو العالم الإسلامي” الترجمة الكاملة لأعمال المؤتمر التبشيري الذي عقد في الولايات المتحدة 1978)) – فقابل الدعاة تخطيطهم بنوع من الفوضى وردود الأفعال الارتجالية… فكثرت الأخطاء الدعوية وتكررت في حياة الدعاة والعاملين, مما جعل الحاجة الكبيرة إليه.[25]

ب_توزيع الأعمال وتحديد المسؤليات:

من أساسيات الإدارة الناجحة للمؤسسات –ومنها الدعوية-وضع الرجل المناسب في المكان المناسب, وهو أمر يتطلب خبرة إدارية ومناخا صحيا تعلو فيه الكفاءات وتشحذ الهمم ويعلو البناء.

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إداريا ناجحا, استطاع أن يوظف كل صحابي في مكانه حسب قدرته الشخصية وكفاءته دون أي اعتبارات أخرى من الحسب والنسب والقرابة والغنى.[26]

ففي الجانب الدعوي نرى الوظائف الدعوية مقسمة على النحو التالي:

1_ الأذان: كان لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم “أربعة مؤذنين، اثنان بالمدينة، هما: بلال بن رباح رضي الله عنه، وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن أم مكتوم القرشي العامري الأعمى رضي الله عنه، وبقباء سعد القرظ رضي الله عنه مولى عمار بن ياسر رضي الله عنهما، وبمكة أبو محذورة رضي الله عنه، واسمه أوس بن مغيرة الجمحي.[27]

2_ القرآن الكريم وعلومه: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة، من ابن مسعود، وسالم، مولى أبي حذيفة، وأبي، ومعاذ بن جبل»[28]3_ الخطابة: عن الزهري: أن وفد تميم قدموا، وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لثابت بن قيس: “قم فأجب خطيبهم”. فقام، فحمد الله وأبلغ، وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمقامه.[29]

4_ الترجمة: عن زيد بن ثابت، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود قال: إني والله ما آمن يهود على كتاب, قال: فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم.[30]

5_ الكتابة: من أشهر كتاب الوحي: خالد بن سعيد بن العاص, أبي بن كعب, عبد الله بن أبي السرح.[31]

6_المنبر الإعلامي: كان من شعرائه صلى الله عليه وسلم الذين يذبون عن الإسلام: كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكان أشدهم على الكفار حسان بن ثابت، وكعب بن مالك يعيرهم بالكفر والشرك.[32]

_ عن البراء بن عازب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لحسان بن ثابت: «اهجهم، أو هاجهم، وجبريل معك».[33]

7_ البعثات الدعوية لنشر الدين: كإرسال مصعب بن عمير إلى المدينة قبل الهجرة, وإرسال معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري إلى اليمن.

فلزاما على كل فريق دعوي توزيع العمل الدعوي وتفعيل جانب التخصص من الخطابة والفتيا والمحاضرات وكتابة البحوث العلمية والرد على الشبهات والمناظرات بما يتماشى مع حاجة الواقع.

ج_المتابعة والتقييم:

المتابعة: هي عملية تنفيذ خطوات المشروع للتأكد من أنه يسير وفق الخطة الموضوعة, ورصد أي خلل قد يؤدي إلى توقف أو تأخير المشروع والعمل على تلافيه.

التقييم: هو عملية تهدف إلى التأكد من أن المشروع قد حقق النتائج المرجوة منه, وإلى تحديد أثر المشروع على المدى القريب والبعيد.[34]

فالخطة التي تم إعدادها للمشروع الدعوي لا بد أن تكون على مراحل, ولها جدول زمني محدد, قد عرف فيها كل عضو من أعضاء الفريق مهمته تحملا وأداء, لكن هذا لا يكفي, فلا بد من وجود فريق مهمته متابعة العمل ومقارنته بالخطة الموضوعة وتصحيح الأخطاء التي قد تواجه العمل وتلافي المشكلات التي تعترضه, وتقييم نتائج العمل ومقارنتها بأهداف المشروع بحيث يضمن تحققها على النحو المطلوب, وعلى فريق العمل التعاون مع فريق المتابعة, لأن نجاح عملية المراقبة والتقييم متوقفة على هذا التعاون والقبول.

فمثلا لو أقمنا برنامجا دعويا في مكان و زمان محددين فينبغي أن نطرح عدة تساؤلات بعد تنفيذ البرنامج في استبيان يوزع على المعنيين بالأمر من الدعاة و المدعوين كأن نقول مثلا: ما مدى تأثر المدعوين بالبرنامج ؟

وما مدى إقبالهم عليه ؟

وهل الناس بمستوى واحد من التفكير وعوامل التأثر ؟

وهل يلبي البرنامج جميع حاجات المدعوين الفكرية و النفسية و الترويحية؟ .

و الإجابة على مثل هذه التساؤلات تساعد على تحديد مستوى البرنامج وتفادي الأخطاء المستقبلية و تطوير البرنامج نحو الكمال، و هكذا في جميع برامج الدعوة، مع العلم أن طرق التقويم ليست محصورة في الاستبانة، فقد تكون بقياس نتائج البرنامج وثمراته المستمرة، أو من خلال انطباعات الناس المشاهدة أثناء تقديم البرنامج، و غير ذلك.

وفي القرآن الكريم ما يشير إلى تقييم نتيجة العمل الدعوي كما في قوله تعالى: {ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ ٢٨}[سورة النمل:28]

أي تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه، ليكون ما يقولونه بمسمع منك، و في أمره بالتولي حسن أدب ليتنحى حسب ما يتأدب به مع الملوك ، وكن قريبا حتى ترى مراجعتهم ؛ وتعلم ماذا يجيبون وماذا يردون من القول.[35] وهذا الكتاب فيه بسم الله الرحمن الرحيم و الدعوة إلى الله لملكة سبأ و قومها، و تنحي الهدهد ليعرف نتيجة تأثرهم بكتاب سليمان، وفي ذلك تقييم لمدى تقبلهم للدعوة و تأثرهم بها.[36]

خامسا: التدريب المستمر:

التدريب لغة: يقال: (درَّب) فلَانا بالشَّيْء وَعَلِيهِ وَفِيه عوَّده ومرَّنه.[37]

التدريب اصطلاحا: عبارة عن نشاط منظم يركز على الفرد لتحقيق تغير في معارفه ومهاراته وقدراته لمقابلة احتياجات محددة في الوضع الحاضر أو المستقبلي, في ضوء متطلبات العمل الذي يقوم به المرء, وفي ضوء تطلعاته المستقبلية للوظيفة التي يقوم بها في المجتمع.[38]

مادام كل شيء حولنا يتغير, فإنه لا بد لنا أن نستجيب على نحو صحيح لذلك التغير, وسبيلنا إلى ذلك هي أن نكشف إمكاناتنا, ونطور مهاراتنا, وإذا لم نفعل ذلك, لم نستطع أن نحافظ على مواقعنا النسبية, وكان علينا أن نستعد للتراجع, وان نتحمل نتائجه عن طيب خاطر.

لم يكن التدريب أمراً هامشيا أو ثانويا لكل من تحمَّل مسؤولية ورعاها حق رعايتها عبر التاريخ وفي مقدمتهم الأنبياء حيث يعتبر رعي الأغنام تدريب وتمرين عملي على الصبر وكيفية التعامل مع الناس . قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : ( قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، و لأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها .. وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها جبروا كسرها ورفقوا بضعيفها ).[39]

أقسام التدريب التي يحتاجها الفريق الدعوي:

أ_الإعداد الإيماني:

وذلك بأن يحرص الفريق الدعوي أشد الحرص على إخلاص قلوبهم لخالقهم ويجاهدوا نفوسهم على سلامة القصد وصفاء النية, فنجاح الدعوة وقبولها لدى الناس مرتبط ارتباطا وثيقا بإخلاص الداعية وصدقه في دعوته.

ولا يتحقق الإخلاص في الدعوة إلا عندما يتأكد الداعية أن قصده رضا الله تعالى، ويتجرد من الانقياد وراء حظوظ النفس ونوازع الهوى ومطالب الذات، ويحرر نفسه من قيود الرياء، وطلب الشهرة أو المدح أو الظهور أو السمعة، أو حب التصدر والرئاسة والجاه، ويتخلص من السعي خلف شهوة المال والجاه، وطلب المنزلة في قلوب الناس واستقطابهم، أو السعي وراء أي متاع من مُتَع الدنيا وجعل الدعوة وسيلة له.[40]

قال تعالى:{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا ٩٦}[سورة مريم:96]

قال قتادة في تفسير هذه الآية: إي والله في قلوب أهل الإيمان، وذكر لنا أن هرم بن حيان كان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.

وقال قتادة: وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: ما من عبد يعمل خيرا أو شرا إلا كساه الله عز وجل رداء عمله.[41]

كان محمد بن واسع يجلس قريبًا من أحد الوعاظ وهو يعظ الناس، ويقول: مالي أرى القلوب لا تخشع، والعيون لا تدمع، والجلود لا تقشعر؟ فقال له محمد بن واسع: «ما أرى القوم أتوا إلا من قبلك، إن الذكر إذا خرج من القلب وقع في القلب».[42]

قال الرافعي: إن الخطأ أكبر الخطأ أن تنظم الحياة من حولك، وتترك الفوضى في قلبك.[43]

ب_ الإعداد التعبدي:

قال تعالى:{يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا ٣أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا ٤إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا ٥إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡ‍ٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا ٦}[سورة المزمل:6]

يا أيها المزمل.. قم.. إنها دعوة السماء، وصوت الكبير المتعال.. قم.. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك. قم للجهد والنصب والكد والتعب. قم فقد مضى وقت النوم والراحة.. قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد..[44]

قال الشنقيطي – رحمه الله تعالى –: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ أي: ما تنشئه من قيام الليل أشد مواطأةً للقلب، وأقوم قيلاً في التلاوة والتدبر والتأمل، ومن ثم بالتأثر، ففيه إرشاد إلى ما يقابل هذا الثقل فيما سيلقى عليه من القول، فهو بمثابة التوجيه إلى ما يتزود به لتحمل ثقل أعباء للدعوة والرسالة»[45]

ج_التدريب العلمي والتفقه في الدين:

وهذا أساس لا بد منه حتى يجد الناس عند الداعية إجابة التساؤلات ، وحلول المشكلات إضافة إلى ذلك هو العدَّة التي بها يعلِّم الداعية الناس أحكام الشرع، ويبصرهم بحقائق الواقع، وبه أيضاً يكون الداعية قادراً على الإقناع وتفنيد الشبهات ، ومتقناً في العرض، ومبدعاً في التوعية والتوجيه.[46]

قال تعالى: {فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ }[سورة محمد:19]

وقد بوب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ باباً قال فيه: ( باب العلم قبل القول و العمل، و استشهد بهذه الآية ).[47]

قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ ١٢٢}[سورة التوبة:122]

وإذ قد كان من مقاصد الإسلام بث علومه وآدابه بين الأمة وتكوين جماعات قائمة بعلم الدين وتثقيف أذهان المسلمين كي تصلح سياسة الأمة على ما قصده الدين منها، من أجل ذلك عقب التحريض على الجهاد بما يبين أن ليس من المصلحة تمحض المسلمين كلهم لأن يكونوا غزاة أو جندا، وأن ليس حظ القائم بواجب التعليم دون حظ الغازي في سبيل الله من حيث إن كليهما يقوم بعمل لتأييد الدين … وإذ قد كانت الآية السابقة قد حرضت فريقا من المسلمين على الالتفاف حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو لمصلحة نشر الإسلام ناسب أن يذكر عقبها نفر فريق من المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للتفقه في الدين ليكونوا مرشدين لأقوامهم الذين دخلوا في الإسلام.[48]

قال تعالى:{قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨}[سورة يوسف:108]

يقول [الله] تعالى لعبده ورسوله إلى الثقلين: الإنس والجن، آمرا له أن يخبر الناس: أن هذه سبيله، أي طريقه ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك، ويقين وبرهان، هو وكل من اتبعه، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي.[49]

د. التدريب على الأساليب الدعوية:

قال تعالى: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥}[سورة النحل:125]

قال ابن القيم رحمه الله: فذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو فإنه إما أن يكون طالبا للحق راغبا فيه محبا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه فهذا يدعى بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة ولا جدال وإما أن يكون معرضا مشتغلا بضد الحق ولكن لو عرفه عرفه وآثره واتبعه فهذا يحتاج مع الحكمة إلى الموعظة بالترغيب والترهيب وإما أن يكون معاندا معارضا فهذا يجادل بالتي هي أحسن.[50]

إن مخاطبة العقول والقلوب فن لا يجيده إلا من يمتلك أدواته, وإذا اجتمعت مع مناسبة الظرف الزماني والمكاني أثرت تأثيراً بليغاً, ووصلت الفكرة بسرعة البرق, وهكذا كانت طريقة القرآن في تلمس حاجات الوجدان, وأيضا من عوامل نجاح الأنبياء في إقناع الناس برسالتهم, وتأمل في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لتستلهم منها كنوزاً في فقه الدعوة, قال عبد الله بن مسعود: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً»

ولتحقيق الهدف من الدعوة فإنه ينبغي العناية الشديدة بنشر ثقافة الإقناع وفنون الحوار وفن الاستماع.

إن هناك من يخاطب الناس على أنهم فئة واحدة أو لديهم القناعات نفسها التي لديه, ولذا تراه يخاطب نفسه في نهاية الأمر.

والشباب مثلاً بحاجة إلى من يجيبهم على كثير من الأسئلة الملحة التي تواجههم بطريقة تناسب تفكيرهم, وتتعامل بشكل صحيح مع المنطلقات الفكرية التي تربوا عليه, ونحتاج أن نقوم بدراسات لمعرفة أكثر الأساليب تأثيراً عليهم.

إن الدورات التي تتناول جوانب التنمية البشرية كمهارات الاتصال وفنون الحوار والإقناع وطرق التأثير متوفرة على شكل كتب أو أشرطة سمعية ومرئية, فقط تحتاج من الداعية أن يوجه اهتمامه إليها ويعنى بتقوية الخير والعلم الذي يحمله بهذه المهارات البالغة التأثير على القلوب, ولدينا من الخطباء والمحاضرين من استطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الناس بسبب حرصه على العناية بهذه المهارات التي ربما تكون عند البعض فطرية وعند الآخرين تحتاج إلى تنمية.[51]

ونأخذ بعض الأساليب النبوية في الدعوة:

1_اللين والرفق بالمدعو:

عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال: “بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني.

قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن “[52]

قال النووي رحمه الله: فيه التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به.[53]

2_ الإقناع العقلي:

عن أبي أمامة قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه. فقال: ” ادنه، فدنا منه قريبا “. قال: فجلس قال: ” أتحبه لأمك؟ ” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: ” ولا الناس يحبونه لأمهاتهم “. قال: ” أفتحبه لابنتك؟ ” قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: ” ولا الناس يحبونه لبناتهم “. قال: ” أفتحبه لأختك؟ ” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: ” ولا الناس يحبونه لأخواتهم “. قال: ” أفتحبه لعمتك؟ ” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: ” ولا الناس يحبونه لعماتهم “. قال: ” أفتحبه لخالتك؟ ” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: ” ولا الناس يحبونه لخالاتهم “. قال: فوضع يده عليه وقال: ” اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه ” قال : فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”[54].

إن الاحتساب المثمر هو الذي يجعل المحتسب عليه قابلا للاحتساب راضيا به، مقتنعا بضرورته ومضمونه، حتى يكون له من نفسه وازع يمنعه من العودة إلى المنكر، وهذا كله يحتمل حصوله بقدر أكبر إذا كان الاحتساب بالرفق وبالمحاججة والمناقشة الهادئة المقنعة.[55]

3_ الشدة في مكانها:

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر. فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال: «ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية»[56]

قال النووي رحمه الله: وفيه الغضب عند انتهاك حرمات الشرع.[57]

ه_التدريب على وسائل التقنية الحديثة:

إن عصر التقنية الحديثة يحمل من الوسائل ما لا يحصى، فسهلت الوصول إلى أقصى بقاع الأرض عبر اتصال كلمح البصر، أو ساعات معدودات على متن طائرة أو سفينة أو سيارة فيقابل الإنسان الآخر ويراه حقيقة، أو يتحدث معه صوتا وصورة، فحري بالدعاة أن يتدربوا على هذه الوسائل، ويفقهوا استخدامها، ويبتكروا من الأساليب ما يناسب أهل هذا العصر التقني، باستثمار هذه الوسائل الحديثة. وحري بالمؤسسات الدعوية أن تولي مسألة التدريب على هذه الوسائل جل اهتمامها لتؤتي الدعوة إلى الله أكلها بإذن ربها، فالتدريب ارتقاء دائم، وانتقال من طور إلى طور، ومواكبة لما يناسب الزمان والمكان.[58]

سادسا: الأخوة الإيمانية:

عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.[59]

المؤمن يسره ما يسر أخاه المؤمن، ويريد لأخيه المؤمن ما يريده لنفسه من الخير، وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغل والغش والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه، لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء”.[60]

وقال تعالى واصفا عباده الذين يستحقون محبته: { أذلة على ٱلۡمؤۡمنين أعزة على ٱلۡكٰفرين }[سورة المائدة:54]

المراد هنا بالذل: لين الجانب وتوطئة الكنف، وهو شدة الرحمة والسعي للنفع، ولذلك علق به قوله: على المؤمنين. ولتضمين أذلة معنى مشفقين حانين.[61]

قال ابن عباس: هم للمؤمنين كالوالد للولد والسيد للعبد، وهم في الغلظة على الكفار كالسبع على فريسته.[62]

لا يتصور قيام فريق دعوي ناجح لا يعمل في جو من الأخوة الإيمانية التي يسودها المحبة والإيثار والتواضع والرحمة وتمني الخير للآخر نازعا من قلبه كل أشكال البغض والحسد والغيرة وإيثار النفس على الغير, فطريق الدعوة إلى الله عز وجل طريق فيه من المشاق والتعب والتضحيات التي تدفع المسلم للأخذ بوسائل الثبات, ومنها التقوي بالإخوان والاستفادة من نصحهم والأخذ من خبراتهم والتعلم من مهاراتهم حتى يقوى ذلك البنيان في مواجهة العواصف والمحن.

نموذج تطبيقي معاصر:

ونختم في بنموذج تطبيقي يرويه لنا الشيخ المصلح البشير الإبراهيمي (ت1965) والذي كان له دور إصلاحي ودعوي هام فترة الاستعمار في الجزائر نجح فيه في تأسيس عمل جماعي دعوي كان له الأثر الكبير في حفظ اللغة والدين ومواجهة المستعمر:

فهم الواقع والأهداف:

فتح الشيخ البشير عينه على الاستعمار الفرنسي في بلده وهو يبطش بهيمنته وإذلاله الناس ويفرض إزاحة الدين وفرنسة اللغة, ورأى الشيخ البشير العلماء المصلحين متشتتين وليس هناك تعليم منظم يبني في أبناء الشعب الوعي الديني ويحفظ اللغة فرأى ورفاقه أحسن طريقة لمقاومة الاستعمار وأدواته هو ثلاث وسائل: (التعليم المنظم, ومأسسة العلماء, والإعلام الإصلاحي) كمؤسسة تنزم نشاطهم, وبدؤوا ببناء المدارس في أرجاء البلاد وصياغة برنامجها وأنشؤوا عدة مجلات علمية لبث الخطاب الإعلامي الإصلاحي, من أهمها للشيخ مجلة بصائر.

التخطيط مع الشيخ ابن باديس:

كان من تدابير الأقدار الإلهية للجزائر، ومن مخبّآت الغيوب لها أن يرد عليّ بعد استقراري في المدينة المنوّرة سنة وبضعة أشهر أخي ورفيقي في الجهاد بعد ذلك، الشيخ عبد الحميد بن باديس، أعلم علماء الشمال الافريقي، ولا أغالي، وباني النهضات العلمية والأدبية والاجتماعية والسياسية للجزائر.

وبيت ابن باديس في قسنطينة بيت عريق في السؤدد والعلم، ينتهي نسبه في سلسلة كعمود الصبح إلى المعزّ بن باديس، مؤسّس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان، ومدّت ظلّها على قسنطينة ومقاطعتها حينًا من الدهر، ومع تقارب بلدينا بحيث لا تزيد المسافة بيننا على مائة وخمسين كيلومترًا، ومع أننا لِدَتانِ في السن يكبرني الشيخ بنحو سنة وبضعة أشهر، رغم ذلك كله، فإننا لم نجتمع قبل الهجرة إلى المدينة، ولم نتعارف إلا بالسماع، لأنني كنت عاكفًا في بيت والدي على التعلّم، ثم على التعليم، وهو كان يأخذ العلم عن علماء قسنطينة متبعًا لتقاليد البيت، لا يكاد يخرج من قسنطينة، ثم بعد بلوغ الرشد ارتحل إلى تونس، فأتمّ في جامع الزيتونة تحصيل علومها.

كنا نؤدّي فريضة العشاء الأخيرة كل ليلة في المسجد النبوي، ونخرج إلى منزلي، فنسمر مع الشيخ ابن باديس، منفردين إلى آخر الليل حين يفتح المسجد فندخل مع أول داخل لصلاة الصبح، ثم نفترق إلى الليلة الثانية، إلى نهاية ثلاثة الأشهر التي أقامها بالمدينة المنوّرة.

كانت هذه الأسمار المتواصلة كلها تدبيرًا للوسائل التي تنهض بها الجزائر، ووضع البرامج المفصّلة لتلك النهضات الشاملة التي كانت كلها صورًا ذهنية تتراءى في مخيلتينا، وصحبها من حسن النيّة وتوفيق الله ما حقّقها في الخارج بعد بضع عشرة سنة، وأشهد الله على أن تلك الليالي من سنة 1913 ميلادية هي التي وضعت فيها الأسس الأولى لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي لم تبرز للوجود إلا في سنة 1931.

ورجع الشيخ إلى الجزائر من سنته تلك بعد أن أقنعته بأني لاحق به بعد أن أقنع والدي أن رجوعي إلى الجزائر يترتّب عليه إحياء للدين والعربية، وقمع للابتداع والضلال، وإنكاء للاستعمار الفرنسي، وكان هذا هو المنفذ الوحيد الذي أدخل منه على نفس والدي ليسمح لي بالرجوع إلى الجزائر.

التقييم:

ثم وضع الشيخ البشير وابن باديس اجتماعا نصف شهري لتقييم أعمالهم في هذه المرحلة, واستمرت هذه المرحلة عشر سنوات في التعليم والانتشار حتى انتقلوا للمرحلة التالية, وهي إنشاء مؤسسة منظمة لنشاط العلماء المصلحين وهي جمعية العلماء الجزائريين كما يروي الشيخ:

وكنا نتلاقى في كل أسبوعين أو كل شهر على الأكثر، يزورني في بلدي (سطيف) أو أزوره في قسنطينة، فنزن أعمالنا بالقسط ونزن آثارها في الشعب بالعدل، ونبني على ذلك أمرنا، ونضع على الورق برامجنا للمستقبل …. كملت لنا على هذه الحالة عشر سنوات كانت كلها إعدادًا وتهيئة للحدث الأعظم وهو إخراج جمعية العلماء من حيّز القول إلى حيّز الفعل.[63]

  1. تفسير الزمخشري، ج1، ص 396.
  2. زيدان, عبد الكريم, السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد (بتصرف يسير), ص: 62
  3. التحرير والتنوير, 16/214
  4. زهرة التفاسير, 3/1236
  5. التحرير والتنوير, 3/255
  6. زيدان, عبد الكريم, أصول الدعوة, ص: 310
  7. السرجاني, راغب, السيرة النبوية, 5/6, ترقيم الشاملة
  8. ولد الددو, محمد الحسن, قصص سورة الكهف الأربع و دلالتها على محركات المجتمع, مقطع مرئي. رابط المقطع: https://www.youtube.com/watch?v=Oz8k-DnR46Q
  9. في ظلال القرآن, ص: 2085
  10. تفسير السعدي, 1/624
  11. رواه أبو داود من حديث أبي هريرة وأبي سعيد, بَابٌ فِي الْقَوْمِ يُسَافِرُونَ يُؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ , 36 /3, رقم 2608
  12. الفتاوى, 28/65
  13. الظلال, 3/1711
  14. زيدان, عبد الكريم, أصول الدعوة, ص: 468
  15. ابن كثير, 5/127
  16. ولد الددو, محمد الحسن, قصص سورة الكهف الأربع و دلالتها على محركات المجتمع, مقطع مرئي. رابط المقطع: https://www.youtube.com/watch?v=Oz8k-DnR46Q
  17. الشميمري, أحمد بن عبد الرحمن, مبادىء إدارة الأعمال, ص: 128
  18. المزاجي, أحمد, “التنظيم الإداري في الإسلام: مفهومه، وخصائصه”، ص 29.
  19. أخرجه أبي يعلى ، مسند عائشة رضي الله عنها ، 7 / 349 ، رقم 4386 . جاء في مجمع الزوائد: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. 4/98
  20. التنوير للأمير الصنعاني, 3/378
  21. أخرجه مسلم ، كتاب الصيد و الذبائح ، باب الأمر بإحسان الذبح ، رقم 3615 .
  22. إكمال إكمال المعلم, 7/41
  23. انظر مقال بعنوان: التخطيط في خدمة الدعوة إلى الله :خالد صقير الصقير من ص 22 – 25، مجلة البيان عدد 124 ذو الحجة 1418 هـ 1998 م.

    \

  24. ولد الددو, محمد الحسن, قصص سورة الكهف الأربع و دلالتها على محركات المجتمع, مقطع مرئي. رابط المقطع: https://www.youtube.com/watch?v=Oz8k-DnR46Q
  25. البيانوني, محمد أبو الفتح, المدخل إلى علم الدعوة, ص: 308
  26. صلاح, احمد, في حب الصحابة, ص: 214
  27. زاد المعاد, 1/120
  28. صحيح البخاري, بَابُ مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, 3/1385, رقم: 3595
  29. سير أعلام النبلاء, 3/191
  30. الترمذي, بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ السُّرْيَانِيَّةِ, 4/365, رقم: 2715
  31. انظر: الإصابة لابن حجر: 2/237, الاستيعاب لابن عبد البر: 1/23, البداية والنهاية: 5/340
  32. زاد المعاد, 1/124
  33. صحيح مسلم, بَابُ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, 4/1932, رقم: (2486)
  34. المتابعة والتقييم, مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية, ص: 9
  35. انظر : الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، 13 / 191 . و الكشاف ، الزمخشري ، 5 / 75 .
  36. الحارثي, حمود بن جابر, إتقان العمل الدعوي, 33
  37. المعجم الوسيط, 1/277
  38. بكار عبد الكريم, حول التربية والتعليم, ص: 325
  39. فتح الباري, 4/558
  40. المسقر, محمد بن سعيد, من مقالة: الإخلاص في الدعوة إلى الله, من موقع: طريق الإسلام
  41. ابن كثير, 5/238
  42. تاريخ الإسلام للذهبي, 3/ 530
  43. وحي القلم, 2/42
  44. في ظلال القرآن, ص: 3740
  45. أضواء البيان, 8/359
  46. بادحدح, علي عمر, مقومات الداعية الناجح, ص: 45
  47. صحيح البخاري ، كتاب العلم ، باب العلم قبل القول و العمل ، 1 / 37 .
  48. التحرير والتنوير, 11/59
  49. ابن كثير, 4/422
  50. الصواعق المرسلة, 4/1276
  51. صقر, شحاتة, الدعوة مهارات وفنون, ص: 19
  52. مسلم, بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ, 1/381, رقم: 537
  53. شرح مسلم: 5/20
  54. مسند أحمد, 36/545, رقم: 22211, جاء في مجمع الزوائد: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. 1/129
  55. زيدان, عبد الكريم, أصول الدعوة, ص: 189
  56. مسلم, بَابُ عِلْمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللهِ تَعَالَى وَشِدَّةِ خَشْيَتِهِ, 4/1829, رقم: 2356
  57. شرح مسلم للنووي, 15/107
  58. الشريف, محمد موسى, التدريب وأهميته في العمل الإسلامي, ص 26 .
  59. صحيح مسلم, 4/1999, رقم: (2586) , بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ
  60. جامع العلوم والحكم, 1/306
  61. التحرير والتنوير, 5/237
  62. تفسير القرطبي, 6/220
  63. انظر آثار البشير الإبراهيمي 5/280, والماجريات لإبراهيم السكران, ص: 106
Leave A Reply

Your email address will not be published.